Powered By Blogger

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

أثبت الحفريات والمعثورات الأثرية أن سمهرم (منطقة خور روري) كانت مزدهرة بسكانها ،وتعود إلى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي.
وتشير البقايا المعمارية إلى نظام التحصين فيها معابدها والمساكن ذات الطوابق المتعددة،ومخازن اللبان ،وبنقوشها الكتابية بالمسند العربي الجنوبي والمباني العامة والخاصة داخل سور المدينة وخارجها وبمكتشفاتها التي تثبت ثراء المدينة.

الموقع الجغرافي لخور روري:



يقع الموقع بين ولاية طاقة وولاية مرباط على بعد 37كلم من صلالة وهوعبارة عن خور مستطيل في نهاية وادي سد منفذه إلى البحر بكتلة رملية خلفها الماء نحو البر بمسافة ميل واحد".

بناية موقع خور روري


وهذا الموقع بني بالحجر الجيري المتراصة بطريقة محكمة،وتميز بفن معماري جميل وله سور وعدة بوابات وأبراج مربعة،وتم الكشف فيه عن خمسة ألواح حجرية كتبت بالأبجدية العربية الجنوبية تصف تأسيس المدينة ذكر هذه الكتابات اسم الملك ايلاذ ملك،ويستدل منها على أن المدينة بنيت بهدف تأكيد السيطرة على تجارة اللبان والبخور الذي يجمع في الموقع ويصدر للخارج في فترة ما بين القرن الأول قبل الميلاد والأول الميلادي،كما تم الكشف عن آثار معبد قديم شيد في وسط الجانب الشمالي من المدينة ،وعثر على جدرانه الثلاثة ،وعلى مذبحين ونحت بارز لثور على أحد المذبحين،مما دل على أن الإله الذي شيد لأجله المعبد هو اله القمر لكون الثور يمثل في الديانة الحميرية اله القمر ،كما وجد حول المذبحين آثار رماد للقرابين المقدمة
وتشتمل على بقايا عظام السمك والمواشي والطيور كالدجاج ، وأيضاً بقايا قليلة من اللبان.ومن المعثورات الأثرية تمثال برونزي صغير لفتاة تعزف على الناي.

ميناء سمهرم

كان ميناء سمهرم من أهم الموانئ المشهورة في جنوب شرق الجزيرة العربية في تجارة اللبان منذ أقدم العصور التاريخية ،ويعرف أيضا بميناء موشكا والذي تم ذكره في نصين يونانيين يعودان إلى الفترة ما بين القرن الأول والثاني الميلادي.
وكان هذا الميناء هو الميناء الرئيسي لتصدير اللبان في ظفار حتى القرن السادس الميلادي.

وقد ازدهرت هذه المدينة عبر التاريخ وشغلت بال العالم القديم بحاصلاتها التجارية ،وصارت همزة الوصل بين الموانئ الآسيوية والأفريقية واكتسبت من جراء ذلك شهرة عالمية ،وعرفت بنعوت وأسماء مختلفة مثل:
موشا أو موجا أو موشكا،وبونت،وسمهرم،وميناء البخور،والعطور،وخور روري، والاسم الأخير اسم الشهرة عند أهل ظفار في عصرنا الحاضر.وللمدينة آثار باقية شاهدة على عظمة حضاراتها وازدهازها في وقت مبكر من الزمن.

شجرة اللبان..تعريفها:



تنتمي شجرة اللبان إلى الفصيلة النباتية باسم بوزويليا كارتيري أو بوزويليا ساكرا وتعرف في اللغة العربية :اللبان. وقد يعتقد بعض الناس أن اللبان شئ والبخور شئ آخر أو العكس ولكن في الواقع إن كلا الاسمين لمادة واحدة فقل لبان أو بخور ،فالمعنى واحد بالرغم من أن بعض المناطق المجاورة توجد بها أشجار تشبه شجرة اللبان.فالشجرة نفسها لا تزرع في ظفار ،بل هي شجرة برية تنبت من ذات نفسها كما أنها لا تتطلب ماء على الإطلاق،بل الماء والرطوبة تقلل من جودة إنتاج الشجرة وخير دليل على ذلك الأشجار الواقعة في دائرة أمطار الخريف في سهل صلالة الغربي والوديان المحيطة بهذا السهل والذي يعتبر من أسوأ أنواع اللبان جودة على الإطلاق

استخدامات اللبان


تبقى رائحة اللبان الزكية طويلا عالقة في الإناء أو الكساء الذي وضعت فيه.وقد جاء كهنة اليهود وأحبار النصارى ليثبتوا بأن اللبان ذو قيمة روحية واستعملوه في الكنائس وأضاف المسلمون على أن اللبان قد استعمل منذ عهد سيدنا سليمان وأن رائحته تطرد الشيطان والأرواح الشريرة.
"ويقول المؤرخ "برستيد"أن المر والبخور قد استخدما عند الفراعنة منذ أربعة آلاف عام قبل الميلاد ،ووجد بعضه في مقبرة توت عنخ آمون كما استخدموه في تصبير جثث موتاهم".،ويقول المؤرخ "هيرودت"إن ما يقدر الآن بطنين من اللبان كانت تحرق كل عام في معبد"بل" في بابل".
كما كان يقدم هدايا للملوك،وعرف طريقه إلى الطقوس الدينية منذ آلاف السنين ،إلا أن بعض أغراضه القديمة ما زالت تمارس حتى اليوم ،فمن ضمن التقاليد التي يستخدم فيها اللبان في "صلالة"ما يسمى "بالتنوير" وهي عادة متبعة عند قدوم السلطان من العاصمة إلى صلالة تعبيرا عن الفرحة بقدومه بإشعال النار فيه فوق أسطح المنازل بحيث تبدو كشعلة من نور توهج ضياؤها وطاب أريجها احتفالا بالضيف الكبير،ما زال أيضا يستخدم في بعض الطقوس الاجتماعية في الزواج والميلاد ورقصات"الهبوت" التي تقام أثناء زفة العريس وأيضا يستخدموه أهالي ظفار كطيب لماء الشرب وبخور لتعطير المنازل وصون أهل البيت من الأذى.

فوائد اللبان


حظي اللبان بالاهتمام لفوائده الطبية فالمؤرخ"بليني"يوصي باستخدامه كترياق ضد السم ووصفه ابن سيناء لجميع الأمراض تقريبا..في حين يذكر الرازي أنه ينفع في أوجاع الكلى ويذهب نفخ المعدة والمغص وآلام المفاصل ونلاحظ مثل هذه الوصفات موجودة فيما يعرف بالطب الشعبي حتى وتستخدم في بعض البلاد العربية كعلاج..ومنها عمان..


وقد ذكر أن أهل ظفار كانوا يضعون في أقداح ماء الشرب فصوصا من اللبان معتقدين بأنه إلى جانب رائحته الزكية فأنه يحمي الأمعاء من المغص ويأتي العلم اليوم ليثبت بأن وضع اللبان في ماء الشرب يعالج بعض أمراض المعدة .فهل يا ترى كان الأقدمون يعلمون فائدة اللبان الطبية ؟نعم بدليل استخدام نبي الله موسى اللبان كمطهر وأمر اليهود أن يتبخروا باللبان،كما أمر أخاه هارون أن يحمل مبخرا في أوساط المصلين أيام أن حل بالناس مرض الطاعون،ويذكر أن اللبان عندما يحرق تتطاير منه مادة الفنول (phenol) وهي مادة مطهرة كما وصفه ابن سيناء دواء لجميع الأمراض تقريبا ،كما يدخل حاليا في العطور وبعض المستحضرات الطبية.

علاقة موقع خور روري مع العالم القديم :

وقد قامت عمان علاقات تجارية مع العالم القديم مع كل من الصين وفارس ومصر وبلاد ما بين النهرين وذلك من خلال هذا الموقع عن طريق الميناء الذي له دور ريادي مهم في ازدهار تجارة اللبان منذ القرن الثالث فبل الميلاد،وبالموقع آثار شاهدة على تلك الحقب التاريخية العظيمة ،ولا تزال النقوش الحميرية على الجدران تبوح ببعض أسرار المدينة ،وقامت بعثات أثرية منذ عام 1952م بمسح وتنقيب الآثار وكان أولها بعثة وندل فليبس التي استمرت في الموقع لعدة مواسم كان آخرها في عام 1962م وعثرت البعثة على العديد من التحف الأثرية القيمة من مجسمات ذهبية وأدوات نحاسية وأختام وغيرها من المواد التي كانت تستخدم في المجالات التجارية والحياة الأخرى وبعض المعثورات محفوظة في مبنى المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار،ولا تزال بعض البعثات الأثرية تستكمل دراستها وتنقيباتها في الموقع،وآخرها البعثة الأثرية الإيطالية التي قامت بمسح الموقع وعمل خرائط له،بالتنسيق مع مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية المشرف على اللجنة الوطنية للإشراف على مسح الآثار في السلطنة ،وخلصت البعثة إلى الأهمية الحيوية لهذا الموقع كواحد من المواقع التي شغلت دورا مهما في التاريخ البشري قبل الميلاد ،ولهذه الأهمية جاء إدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي لطريق اللبان،وتقوم اللجنة الوطنية للإشراف على مسح الآثار في السلطنة بتأهيل الموقع للحفاظ عليه واستغلاله سياحيا في المستقبل" .